الاثنين، 19 مارس 2012

نانسي في حوار خاص مع والدتها وجدتها

·



تولي السفيرة الإقليمية للنوايا الحسنة للطفل والأم الفنانة نانسي عجرم أهمية قصوى للعائلة في حياتها، سواء لوالديها وشقيقها وشقيقتها، أو لزوجها وابنتيها. وهي تفخر في غالبية لقاءاتها بهذه العلاقة الأسرية المتينة التي تحظى بها.

في مناسبة عيد الأم، نستعيد بعض المحطات الجميلة التي أسرّت بها كلّ من نانسي ووالدتها ريموند لـ "سيدتي" التي رصدتها في لقطات عفوية ومرحة، وعدنا خلالها إلى ذكريات من مرحلة طفولة "السفيرة" ، بالإضافة إلى أمومتها لطفلتيها ميلا وإيللا، وإحساسها بعدما أصبحت أماً.

 
مع نانسي
  • هل ما زال بداخلك مكان لوجود طفلة شقية؟
(تضحك عالياً) كثيراً. فليس أجمل من أن تكبر المرأة سناً وتنضج محافظةً، في الوقت ذاته، على "شقاوة" الطفولة بداخلها. الفنانة سعاد حسني غنت "يا واد يا تقيل" وهي بعمر متقدّم، ولكنها غنتها كما لو كانت ما تزال صغيرة جداً. كل ذلك يعود لاحتفاظها بروحها "الشقية" المرحة. بالنسبة إليّ، هذه الناحية متأصلة بداخلي ولا يمكنني انتزاعها إطلاقاً.
  • وماذا عن طفولتك، هل اتّسمت بالهدوء أم الشقاوة؟
(تضحك): "نص نص". لقد تراوحت طفولتي بين هاتين الناحيتين، علماً أنني كنت الأكثر شقاوة في المنزل بين شقيقتي نادين وشقيقي نبيل. باختصار، كنت رئيسة العصابة.
  • وما الخطط التي كنت تضعينها بصفتك زعيمة العصابة؟
كنت دائماً، وما أزال، أعدّ المقالب لجميع أفراد أسرتي من دون استثناء. (وتغرق مجدّداً بالضحك). مرة، بادرت بالاتصال بوالدي وخداعه لثوانٍ معدودة، بإيهامه بأن عطلاً طارئاً أصاب الطائرة فجأة، ما أدّى إلى وقوفها بالجو، شعرت لبرهة بأن والدي سينهار فاقداً أعصابه. خفت عليه وسارعت إلى نفي هذه الكذبة البريئة التي تزامن توقيتها مع الأول من إبريل (نيسان)، وهو اليوم المصادف لإطلاق الأكاذيب الطريفة. وهناك قائمة طويلة بالمقالب التي أعددتها على مرّ حياتي بعائلتي والتي لم يسلم منها شقيقي نبيل أيضاً. ففي إحدى المرات، اتصلت به من هاتف مجهول الرقم بالنسبة إليه، وبدّلت صوتي بطريقة لا تدعو للشك بأني شقيقته. وشرعت أتحدّث إليه كمعجبة، ما سبّب مشكلة بينه وبين صديقته.
  • من هو أول شخص أُعجبت به؟
كان تلميذاً في صفي، ولكن لا تجمعنا الغرفة ذاتها إنما كنا في غرفتين منفصلتين. كان شعوري تجاهه (تضحك) أقل من طفولي، حتى أنني لم أكن أتحدّث إليه عندما ألتقيه في الملعب. كنت أثناءها بعمر التاسعة وفي الصف الخامس الابتدائي. لن أذكر اسمه لربما وقع صدفة على هذه المقابلة.
  • لمَ هو بالذات؟
كان جميلاً ويعجبني. (وتضيف ضاحكة) كل الصبيان كانوا يتودّدون إليّ إلا هو. كان متكبراً ويعيش في عالمه الخاص. وبالرغم من ذلك، كان يعدّ لي مفاجآت ومنها، على سبيل المثال، إرسال بطاقة معايدة لي في عيد الميلاد. في الواقع، يبدو أنه كان معجباً "سرياً" للغاية.
  • وماذا بعد ترفّعكما إلى صف آخر، هل أعلن لك المعجب السري عن إعجابه أم أبقى إعجابه سرياً؟
فجأة، لم يعد يعني لي شيئاً.
  • من كنت تقلّدين في صغرك؟
لا أحد بالتحديد. كنت أحب الفنان راغب علامة وأحفظ أغنياته. وما زلت محتفظة لغاية الآن بألبوم لأغنياته سجلتها بصوتي ومنها، على سبيل المثال، أغنية "قلبي عشقها". كما "أغرمت" بالمطرب جورج وسوف وبأغانيه. وما زلت أذكر أنني كنت أردّد أيضاً في حفلاتي وأنا صغيرة أغنية نجحت كثيراً منذ عدة سنوات للفنانة لطيفة وتحمل عنوان "بحب بغرامك". كذلك حفظت أغاني للمطربة نجاح سلام. وكنت أردّدها لاسيما "ميّل يا غزيّل". ولكن، لم أكن أقلّد أحداً من هؤلاء الفنانين الذين ذكرت أسماءهم أو غيرهم، إنما أؤدي أغنياتي بإحساسي وعلى طريقتي الخاصة في الحفلات أو المهرجانات التي كنت أفتتحها.
  • وماذا عن أول حفلة ظهرت بها؟
جاء ظهوري الأول في برنامج للصغار بعنوان "مواهب صغيرة" كانت تعدّه منظمة "اليونيسيف". وكنت بعمر الثامنة.
  • وأول مهرجان شاركت به؟
كان على مدرّج ميروبا مع الفنان علاء زلزلي. وكنت أيضاً في الثامنة من عمري.
  • ألم تخشي وقتها الإطلالة على المسرح؟
لا أستطيع أن أنسى التفاصيل المتعلقة بهذه الإطلالة. وما زلت أذكر الملابس التي ظهرت بها، وهي عبارة عن جوارب عالية من الصوف الأحمر وتنورة مزينة بمربعات. قبيل الحفلة، بدأت بالبكاء مذعورة من فكرة أنني سأغني على المسرح أمام الناس. وصفة الخجل هذه كانت تلازمني في صغري. وقد ساعدني والدي رويداً رويداً للتخلّص منها عبر طلبه دائماً مني الغناء أمام أقاربنا مثلاً أثناء زيارتهم لنا في المنزل. كنت أرفض وأخاف، وكان والدي يغضب مني، إلى أن أخبرني مرة أنه يفعل ذلك كي تصبح شخصيتي قوية. وقد ساعدني ذلك في التخلّص من الخجل لدرجة كبيرة.
  • وهل مرّت إطلالتك الأولى على مدرّج ميروبا بسلام وقتها؟
ما أن أطللت على الجمهور حتى سرت في قدميّ رجفة. وتجهّم وجهي لثوان. ومازلت أذكر أن عازف الأورغ كان أعمى ويضع نظارات سوداء ولم أكن أعرف ذلك. وعندما لمست مدى تجاوب الجمهور معي حينها، رحت أشير إليه بيدي لإعادة الموسيقى في أجزاء معينة من الأغنية. ولكنني كنت أتفاجأ أنه لا يتفاعل مع طلبي، مكملاً سير الأغنية وكأنّ شيئاً لم يكن، إلى أن اكتشفت لاحقاً السبب.

 
ريموند والدة نانسي
  • ماذا تتذكرين من طفولة نانسي؟
اتّسمت طفولتها بالهدوء. أثناء فترة حملي بنانسي (وهي ابنتي البكر)، لم أشغل رأسي بما سيرزقني الله به من صبي أو فتاة.. فالفتاة حنونة مع أهلها. ولدت نانسي جميلة جداً أشبه بدمية. وصار الناس في المستشفى يقتربون منها لرؤيتها. وكانت ولادتها في 16 مايو (أيار) من العام 1983.
* من اكتشف موهبتها؟
والدها. وذلك لدى بلوغها السابعة من العمر. وفي الثامنة من عمرها، شاركت ببرنامج "مواهب صغيرة" ونوّه كل من الفنان إلياس الرحباني والمخرج سيمون أسمر بموهبتها وصوتها الجميل.
* ما أبرز عادة لدى نانسي؟
منذ صغرها إلى الآن، وما أن تفتح نانسي عينيها صباحاً حتى تبدأ بالغناء.
* هل راودك الحلم مرة بأن ابنتك ستصل إلى كل بيت عربي؟
كنت أشعر أن لنانسي مستقبلاً باهراً، ولكن ليس بهذه السرعة القياسية. أنا سعيدة لأجلها. عندما أسافر معها إلى الخارج تدمع عيناي لشدة الفرح لدى إطلالتها على المسرح وتفاعل الجمهور معها.
* من كان يشرف على تدريسها في طفولتها؟
أنا. كانت نانسي تلميذة "شاطرة" تركّز وتتمّ واجباتها المدرسية على أكمل وجه. كانت تأتي من المدرسة حافظة دروسها. كانت طفلة هادئة نسبياً. إذا ألبستها فستاناً في الصباح تنزعه في المساء كما هو، أي دون أن تفسده. لم أكن بحاجة إلى أن أنهرها إلا بما يخصّ الطعام. فقد كانت تقبل على الطعام بشكل خفيف.
* بأي مواد كانت مجتهدة؟
في كل المواد، ولاسيما في اللغة الفرنسية.
* ما الاختصاص الذي اختارته في طفولتها عنواناً لمستقبلها؟
كانت على غرار كل الأولاد، ولدى عودتهم من المدرسة، يبدأون بتقليد المعلمة. وكانت نانسي تلعب هذا الدور بامتياز. فاعتقدنا أنها ستتجه إلى هذا المجال عندما تكبر. بمرور الوقت، اكتشفنا موهبتها. وفي إحدى مراحل حياتها، كانت تردّد أنها تنوي التخصّص في مجال الصحافة.
* كيف تصفين شخصيتها؟
هي حنونة جداً، ولغاية الآن، لا نستطيع إطلاعها على خبر سيئ وحزين كالمرض أو الموت دفعة واحدة. إنما نفعل ذلك على مراحل.
* ما أكثر ما تحبينه بابنتك؟
كوالدتها، "شهادتي مجروحة" بها. على الصعيد الخارجي، أراها جميلة. أما شخصيتها فتتسم بالحنان والهدوء. لا تؤذي أو تجرح أحداً، ولا يزعجني شيء بشخصيتها.
* هل غيّرتها الشهرة برأيك؟
إطلاقاً، فهي ما تزال عفوية والابتسامة لا تفارق ثغرها. وهي متأثرة في الوقت ذاته بطباعنا والدها وأنا. فنحن نؤثر البساطة في حياتنا ولم ندع أيضاً شهرة نانسي تبدّلنا.
* لو لم لم تكن نانسي فنانة، أي مجال عمل كنت لتختاريه لها؟
كنت لأراها طبيبة أطفال لأنها تحب الأولاد كثيراً وتتمتّع بصبر طويل. كما أن الأولاد يحبونها أيضاً.
 
الجدة تتحدّث أيضاً
أوديت عجرم، جدة نانسي لأبيها، تحدّثت أيضاً بفرح عن حفيدتها لـ "سيدتي":
* ما هي ذكرياتك عن طفولة نانسي؟
كانت هادئة ووجهها "ضحوك" (مبتسمة دائماً). منذ صغرها، وأنا أشعر عندما تتحدّث أنها أكبر من سنها الحقيقية، نظراً لسعة إدراكها وفهمها العميقين.
* ماذا تشعرين لدى سماعك الناس يردّدون أغاني نانسي؟
أتأثّر وأبكي من شدّة الفرح.

نانسي الأم

تزامن وضع الفنانة نانسي عجرم طفلتها البكر ميلا في السادس عشر من مايو مع يوم عيد ميلادها. ثم، رزقت بعدها بابنتها إيللا. وكانت لنا معها محطة أخرى تحدّثنا فيها عن التغيير الذي طرأ على شخصيتها بعدما أصبحت أماً لطفلتين:
  • هل تعذّبت في ولادتك لإيللا؟
-         لا. الحمد الله كانت أسهل بكثير من ولادة ميلا.
  • ماذا تعلّمت من تربيتك لميلا واستفدت منه في تربيتك لإيللا؟
-         تعلّمت الكثير. خفّ القلق الذي عشته في تربيتي لميلا. تعلّمت كيف أميّز بين بكاء إيللا في حالة الجوع وبكائها في حالتي الوجع والنعاس.
  • ابنتك ميلا تشبهك إلى حدّ بعيد، هل إيللا تشبهك أيضاً؟
-         ميلا تشبهني وتشبه والدها. أما إيللا، وفي البداية، اعتقدت أنها تشبه فادي، لكن مع الوقت "أراها تردّ لي" (تشبهني) قالتها باللهجة اللبنانية، وعادت ملامحها تشبه ملامحي.
  • هل تربيتك لإيللا أسهل من تربيتك لميلا؟
-         أسهل. لكن، حتى الآن، ما زالت إيللا صغيرة فقط تأكل وتنام. لذلك، لا أعرف في ما لو ستصبح شقية وتعذبني. وإذا أصبحت شقية، فأنا اليوم كأم أنضج وأوعى من قبل بكثير، وسأحسن تربيتها والتعامل معها بشكل صحيح.

ميلا حنونة وناضجة
  • من يساعدك في تربية طفلتيك ميلا وإيللا؟
-         مربية ميلا هي من تهتمّ في تربية إيللا. فميلا لم تعد بحاجة لمربية، بعدما أصبحت تتكلّم وتقول لي ماذا تريد. فأنا أهتمّ بها وبطلباتها.
  • هل تشعرين أن ميلا تغار من شقيقتها إيللا بعدما توزّع اهتمامك بينهما؟
-         ميلا حنونة، وأشعر أنها ناضجة وأكبر من سنها كطفلة. فهي تحب أختها كثيراً. ودائماً تقترب من إيللا وتداعبها. ولا تغار منها، بل أشعر بأنها ستعلّمها وتحتضنها وتخاف عليها.
  • هل صحيح كما يتردّد ومتعارف عليه أن حب الأم يتوزّع على أولادها دون تمييز بينهم؟ أو تعتقدين أن الأول يحظى بمحبة الأم كلها؟
-   عندما علمت أني حامل للمرة الثانية، قلت في قرارة نفسي، لا أريد أن أرزق بولد أحبه أكثر من ميلا. اعتقدت لبرهة أن حبي لميلا لن يضاهيه حب آخر. لكن، عند ولادتي لإيللا، شعرت أن قلبي انقسم إلى اثنين، قسم لميلا وآخر لإيللا.
  • هل شخصية وطباع ميلا شبيهان بشخصيتك أو بشخصية والدها؟
         ميلا مثلي تماماً، حساسة وحنونة وتخاف وتبكي بسرعة.
     

سفيرة للطفل والأم

في كلمتها أثناء إعلان المكتب الإقليمي لمنظمة "اليونيسيف" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن تعيينها "سفيرة إقليمية للنوايا الحسنة للطفل والأم" في مؤتمر صحافي، قالت نانسي: "حصدت طيلة مسيرتي الفنية العديد من الجوائز التكريمية عن فني وكنت سعيدة بها. لكنّ اختياري سفيرة شعور لم أعشه من قبل. وهو شعور جميل بتقديم العطاء للغير، خاصة عندما أصبحت أماً، ما زاد إحساسي بمعاناة النساء والأطفال. مضيفةً: أحلامي الخاصة بي انتهت بعدما حقّقت أكثر ما أصبو إليه وذلك بفضل مدير أعمالي جيجي لامارا. والآن، بدأت أحلم بسعادة الآخرين. أحلم لغيري ومن أجل الآخرين".
 
إلى طفلتيّ ميلا... وإيللا
أشكر الله على نعمة الأمومة التي وهبني إياها. شعور لم أدركه ولم أعِ سرّه ولا أهميته لغاية الآن. طبعاً، لست وحدي السعيدة بالأمومة، إنما هو شعور كل أم تجاه أطفالها، وأقول لميلا وإيللا: لقد جعلتما مني أماً في حالة قلق وخوف على نفسي حرصاً مني عليكما. ولأجلكما أحببت الحياة كما هي بمرّها وحلوها. معكما تعلّمت الصبر والمسؤولية والخوف من المستقبل وما يخبّئه لكما. ودائماً أدعو الله أن يعطيكما حياة أفضل".

رسالة إلى أمي
عندما أردت كتابة رسالتي لك، توقفت للحظات أتساءل: ماذا أكتب وأنت من علّمني الكلام؟ لم أعِ في الماضي ما دور الأم ،وما سبب خوفك الدائم عليّ وعلى شقيقي وشقيقتي. لا أخفيك سراً، كنت أضيق ذرعاً من خوفك وحرصك علينا. لكن اليوم، وأنا أم، أدركت تماماً ما دور الأم في حياة عائلتها. دعيني أعتذر لك عن كل لحظة تضايقت فيها منك وأنا طفلة. وأشكر وقوفك إلى جانبي في أمومتي وفي تربية طفلتيّ ميلا وإيللا. فأنا مدينة لك، وأرجو من الله أن يحميك ويحمي أمهات العالم. صدق من قال "الجنة تحت أقدام الأمهات".

0 التعليقات:

المتابعون